لم يقصد السيد «آندري ليفرز»، الرئيس التنفيذي لشركة «داو كيميكال» العالمية، أن يوجه رسالة لمستثمرينا عندما امتدح كفاءة شبابنا، ولا قصد أن يكون حادا كالسيف الفاصل بين الادعاء والواقع ويوقف الخطباء من بعده، ربما وحدي من فهم أنه قصد كل ذلك، إليكم ما قال الأسبوع الماضي بمنتدى «دافوس» الاقتصادي ولكم أن تحكموا. أعلن السيد ليفرز أن شركته أرسلت نحو 1000 متدرب سعودي إلى فروع مختلفة للشركة حول العالم، ضمن مشروعها المشترك مع أرامكو في شركة «صدارة» للبتروكيماويات، وأن التجربة وانبهاره بكفاءة وقدرة هؤلاء الشباب تدفعه لسعودة شركة «صدارة» خلال سنة أو اثنتين («عكاظ»، 21 يناير)
هذا مستثمر أجنبي درب شبابنا ومنحهم الفرصة لإظهار كفاءتهم فبرعوا، هذا الرجل الأجنبي رئيس تنفيذي لواحدة من أكبر شركات العالم يفكر في «سعودة» شركته، لا حبا فينا وإنما استغلال لقدرة وكفاءة شبابنا، لم يسأل عن امتيازات، تسهيلات، إعفاءات أو اشتراط تأشيرات أو نسب سعودة منخفضة، أعلن مباشرة تخطيطه للسعودة الكاملة للشركة. هؤلاء هم آباء العمل وأجداده فمن يأتني بمثلهم إذا جمعتنا عند الاستثمار يوما المجامع، هؤلاء هم المفيدون لأنفسهم ولغيرهم لاعتقادهم أن مسار الاستثمار طريق ذو اتجاهين،.
ألا يبدو غريبا أن تظل نسبة كبيرة من مهندسينا وأطبائنا وتقنيي الحواسيب ونظم المعلومات وخريجي كلياتنا العلمية عاطلة وبلدنا في معمعة مشاريع التنمية والبناء، ألا يبدو غريبا أن مشاريعنا تنتهي بتوظيف العاطلين من دول العالم وزيادة عاطلينا؟ البطالة تعطل كل مناشط الحياة اجتماعيا واقتصاديا، تجعل المواطن مجرد سلعة في يد التجار، أداة للاستهلاك لا يدري ما الإنتاج ولا يملك أدواته، وتجعل الوطن مجرد بقرة حلوب يذهب خيرها لغيرها ولقلة منها.
لست ضد الأجانب لكن كل دول العالم تضع تشريعات تكفل أفضلية مواطنيها، وجديدا سمعنا زمجرة رئيس أمريكا الجديد وصياح الأحزاب الأوروبية لتوظيف أبنائهم أولا، هذه اقتصادات بنيت عبر عقود في دول متقدمة منذ عقود فما بالكم باقتصادنا الخارج للتو من رحم الريعية ليتنفس روح التعددية فيخذله قطاعه الخاص ولا تنهضه قوانين حازمة تقنن الاستقدام. الأمل في وزارة العمل مواجهة مهمتها الأساس بتصحيح الوضع المشوه للسوق ووضع حد أدنى للأجور منعا لعقود السخرة، ما تفعله بنطاقاتها الملونة وعدم متابعتها الدقيقة لسوق عملنا هو تنظيم للسعودة الوهمية ورعاية فوضى السوق حتى صارت الوزارة جزءا من المشكلة وليس أداة للحل.
قديما قيل إن لا أحد بسيف سواه ينتصر، ويقال حديثا لا وطن بدون سواعد أبنائه يتطور، والقول الفصل في الاهتمام بالتعليم والتدريب و.. نعم شيء أخير وقف تجارة التأشيرات.